"بيان حرب" جزائري ضد الإمارات ردا على تصريح لمؤرخ جزائري

استعداء الإمارات ليس سوى استمرار لسياسة جزائرية تقوم على الإمعان في خلق الأعداء بلا سبب.

الجزائر- شن التلفزيوني الجزائري هجوما قويا على الإمارات بدا أقرب إلى “إعلان حرب” منه إلى موقف سياسي خاصة أن سبب الهجوم لا علاقة له بشكل مباشر بالإمارات، وهو يتعلق بتصريح لمؤرخ جزائري لإحدى قنوات التلفزيون حول علاقة الأمازيغ بفرنسا، وكان يمكن أن يكون الرد عليه بطريقة معهودة من خلال تدخل مسؤول جزائري للرد والتوضيح، أو إرسال بيان مكتوب تتم قراءته في إطار حق الرد، خاصة أن محتوى التصريح لم ينتقد الجهات الرسمية الجزائرية وليس له طابع سياسي.

وإطلاق بيان قوي لمهاجمة جهة لا علاقة لها بالموضوع دليل على درجة التوتر التي يعيش على وقعها المسؤولون الجزائريون في الأسابيع الأخيرة على ضوء تعدد الأزمات الدبلوماسية للجزائر مع محيطها الإقليمي، وتراجع تأثيرها الدبلوماسي لصالح قوى إقليمية أو دولية خاصة في منطقة الساحل.

ويعتقد مراقبون أن توتير العلاقة مع الإمارات بعد تهدئة أخيرة وبحرص شخصي من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون هو نفسه ما جرى مع فرنسا، حيث طلبت الجزائر أن يتولى الرئيس إيمانويل ماكرون تطويق الخلاف، لكنها سرعان ما انقلبت على موقفها وفتحت حملة جديدة على باريس كرد فعل على تصريح أحد الوزراء في الحكومة الفرنسية.

ويشير المراقبون إلى أن القضية جزائرية – جزائرية، إذ أن المؤرخ الذي ربط بين الأمازيغ وفرنسا هو كاتب جزائري قام بقراءة تاريخ بلاده، وما تحدث عنه هو رأي كان يمكن مناقشته فيه باستدعائه كضيف في إحدى الفضائيات الجزائرية ودحض حججه. ولكن انغلاق وسائل الإعلام الجزائرية على نفسها واكتفائها بترديد رواية السلطات يدفع الباحثين الجزائريين إلى الظهور في منابر إعلامية خارجية فرنسية أو خليجية.

واستعداء الإمارات ليس سوى استمرار لسياسة جزائرية تقوم على الإمعان في خلق الأعداء بلا سبب، ولو أدى ذلك إلى المسّ بمصالح الجزائر نفسها. وبالإضافة إلى المغرب افتعلت الجزائر توترا حادا مع إسبانيا ومع فرنسا بسبب الاستغراق في معارك الماضي.

وخيّم الصمت على الدوائر الرسمية الجزائرية، نهار أمس السبت، حيث لم يصدر أيّ تعليق أو موقف رسمي، حول مسار الأزمة المفتعلة مع دولة الإمارات، لاسيما وأن البيان الذي أصدره التلفزيون الرسمي في نشرته الرئيسية (الثامنة مساء) من يوم الجمعة، أوحى بإمكانية اتخاذ خطوات أخرى، مثل استدعاء السفير الجزائري في أبوظبي.

وأثار التصريح الذي أدلى به، المؤرخ محمد الأمين بلغيث حول ما أسماه بـ”الصناعة الاستخباراتية الصهيوفرنسية للثقافة الأمازيغية في الجزائر،” قد أثار جدلا واسعا في شبكات التواصل الاجتماعي، قبل أن يفاجأ الرأي العام ببيان شديد اللهجة أصدره التلفزيون الرسمي الجزائري.

وفي اليوم الموالي، (السبت)، تم إيداع محمد الأمين بلغيث، الحبس المؤقت بالعاصمة، على خلفية التصريح، ووجهت له تهم جنائية وجزائية، تتعلق بـ”القيام بفعل يستهدف الوحدة الوطنية بواسطة عمل غرضه الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية والمساس بسلامة وحدة الوطن”، وجنحة “نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال“.

وجدد التصريح سجال الهوية المطروح في الجزائر، بين المكونين العروبي والأمازيغي، وتصاعد الشحن بين أنصار الطرفين على شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يكون حرك دوائر القرار في السلطة، التي باتت مواقفها حساسة تجاه المحتويات الافتراضية، منذ الوسم الذي دعا الرئيس تبون إلى “عدم الذهاب إلى بغداد للمشاركة في القمة العربية القادمة، بدعوى الأخطار والمكائد التي تحوم حول شخصه وحول الجزائر،” وهو الوسم الذي تم تبنيه من طرف وسائل إعلام حكومية ومقربة من السلطة، للترويج إلى “العلاقة العاطفية بين الجزائريين ورئيسهم“.

وجاء في بيان منسوب إلى التلفزيون الحكومي بلهجة حادة وغير معهودة ولا حتى معمول بها في المعاملات الدبلوماسية، بأنه “ليست هي المرة الأولى التي تقدم فيها (الإمارات) على التهجم على دولة الجزائر السيدة والكبيرة والشامخة، بلا سبب، سوى تقديم المزيد من الولاء لكيانات شبيهة في الاصطناع“.

ولا شك أن استعمال كلمات تسيء إلى الإمارات وقيادتها في بيان طويل ليس فيه محتوى سياسي ولا يقدم حججا يسيء إلى الجزائر بالدرجة الأولى ويظهر أن السلطات الحالية لا تفكر في مستقبل الجزائريين، حيث أنها تخلق لهم عداوات مع جيرانهم العرب والأفارقة، ومع عمقهم العربي والإسلامي في المشرق والخليج وتضعهم مثار شكوك وريبة دون مبرر سوى رغبة النظام الجزائري في الظهور بمظهر المهم والمؤثر ولو بافتعال الأزمات وخلق العداوات.

ترسانة من التشريعات تثير المخاوف والتساؤلات في الجزائر

Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).

2025-05-04T14:10:24Z